تقارض السريانيّة والعربيّة – الجزء الثاني
– النقاط وزير الحروف:
لقد كانت اللغةُ العربية حتى مجيء أبي الأسود الدؤلي تستخدم بغير نقاط حيث تشيع وعدم التمييز بين بعض الكلمات وغيرها تلك التي تعرف إلا من سياق المعنى أو عن طريق الجمع والتثنية وغير ذلك مما لا ينجي من الزلل مثل حضرَ وخَضُرَ وفئةٍ ومئةٍ وغير ذلك كثيرٌ، وعندما جاء أبو الأسود الدؤلي اقتبس النقاط من اللغة السريانية.
– الحركات:
يقول المطران بولس بهنام في بحثه العلاقات الجوهرية من مقال له في مجلة البطريركية ص. 64: ( من المعروف أن أحرف العلة كانت تقوم مقام الحركات في اللغتين العربية والسريانية قبل ظهور الحركات فيهما كما هي الحال في كثير من اللغات الحية الآن ويبدو أنها لم تف بحاجة النطق فاضطر علماؤها إلى إيجاد الحركات). وقد كان للعلاّمة مار يعقوب الرهاوي المتوفي سنة 708 محاولة جادة لإيجاد بعض الحركات لضبط الحروف السريانية وإدخال أحرفٍ جديدٍ عليها لكن محاولته باءت بالفشل بعد وفاته . وكان السريان سباقين إلى ابتكار إشارات تدل على الأصوات اللينة (الحركات) فظهرت نصوص اسطرنجيلية مشكولةٌ بنقاط وضعت فوق الحروف لتدل على الفتح القصير والطويل أو تحت الحروف لتدل على الكسر والإمالة مستعينين بالصوائت اليونانية ثمّ طور السريانُ الشرقيون هذا المبدأ فضبطوا الخط بشكل سليم ونتج عن ذلك نظام دقيق من النقاط المفردة والمزدوجة والمستقيمة والمائلة.
في أواسط القرن الثامن الميلادي ظهر في العربية نظام الحركات الثلاث (الضم، الفتح والكسر) وإشباعها بالواو والألف والياء وقد اعتمد هذا النظام في البداية على النقاط كما في السريانيّة قبل أن يستقر على الخط القصير المائل فوق الحرف أو تحته وظهرت في الوقت نفسه علامات الشدة والسكون والتنوين التي يقال إنّ الخليل بن أحمد الفراهيدي هو الذي ابتكرها. وعندما لجأ الكتبة العرب إلى التنقيط تأثروا بالطريقة السريانيّة الشرقية القديمة فأضافوا نقاطًا فوق الحروف أو تحتها أو داخلها ولا سيما في القرآن الكريم وخصوصًا بلون متميّز وينسب ذلك إلى أبي الأسود الدؤلي أيضًا. يقول حسن عون في كتابه اللغة والنحو ص 215: (اقتبس أبو الأسود الدؤلي النقاط السريانية التي تُمَيزْ بها الكلمات والحركات التي كان قد استنبطها قبيل ذلك العلاّمة يعقوب الرهاوي وهذا العمل يعتبر اللبنة الأولى في بناء النحو العربي) . وإليكم نموذجًا من الخط العربي قبل التنقيط مأخوذ من مخطوط لمصحف كوفي قديم في دار الكتب المصرية في القاهرة موجود في معرض المصاحف تحت رقم 115 مصاحف وعليه ملاحظة كتب عليها: هذا المصحف مكتوب على طريقة أي الأسود الدؤلي تمت كتابته في أوائل القرن الثالث الميلادي. رسلا كلما حاههم رسول…. رسلاً كلما جاءهم رسول…!
الباحث: جوزيف أسمر ملكي
المقالات المنشورة على صفحات المجلّة تُعبّر عن آراء كتّابها، لا عن رأي المجلّة.
مكتبة الفيديو
- الطوباوي مار فلابيانوس ميخائيل ملكي28 أغسطس، 2019
- حكاية القديس يوحنا الحبيب8 مايو، 2019
- سمعان الشيخ1 فبراير، 2019
- قصة القديس يوحنا الدمشقي4 ديسمبر، 2018
- الشهيد الطوباوي مار فلابيانوس27 أغسطس، 2018
أحدث المقالات
- من كتاب العمر لو حكىفي غير مصنف10 يونيو، 2021لا توجد تعليقات
- من كلمات البابا فرنسيس للكهنة في استقباله تلامذة المعهد الكهنوتي الفرنسي في روما8 يونيو، 2021لا توجد تعليقات
- تأمّل – لأجل كلمتكفي تأملات4 يونيو، 2021لا توجد تعليقات
- من تحسب نفسك؟في تأملات1 يونيو، 2021لا توجد تعليقات
- اليوبيل الذهبي في العمل الرسولي للمطران مار يوحنّا جهاد بطّاح28 مايو، 2021لا توجد تعليقات
- غبطة أبينا البطريرك يحتفل بالقداس الإلهي ويرسم شمّاسين جديدين (الدرجات الصغرى)، حلب، سوريا22 مايو، 2021لا توجد تعليقات
أحدث التعليقات
- Rasha على فلسفة التجلي
- فؤاد نعمة على لمحة عن دير الشرفة
- حيدرعواد على لماذا اختار النبي ايليا 12 حجراً وقال استجبني يارب؟
- fr. daniel على سدرو الاحد الرابع بعد العنصرة
- الشماس موريس خوري على نصلي لأجل آباء سينودس أساقفة كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية
التقويم
ن | ث | أرب | خ | ج | س | د |
---|---|---|---|---|---|---|
« يونيو | ||||||
1 | ||||||
2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 |
9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 |
16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 |
23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 |
30 | 31 |